Créer un site internet
حقيقة المدرسة العمومية

المدرسة العمومية و جودة التعلمات

  • By
  • On 02/06/2022
  • 0 comments

المدرسة العمومية و جودة التعلمات ... 

 ذ. عبد الرحمان سكتان                        

    1- مفهوم الجودة :

يحيلنا مفهوم الجودة في الدلالة اللغوية الى كل المعاني الايجابية مثل الأحسن و الافضل ، كذلك قد تعني التميز و الكفاءة و الاستحقاق و الشهادة  . و قد ارتبط هذا المفهوم في بداية الأمر بقطاعي الصناعة و الاقتصاد و قد حددت له معايير عالمية تتمثل في الحفاظ على سلامة و صحة الفرد و الحفاظ على البيئة من التلوث . ليمتد بعد ذلك الى قطاعات اخرى بما في ذلك قطاع التربية و التكوين . و يبقى مفهوم الجودة مفهوما نسبيا تحدده معايير مختلفة تفرضها ضرورات اقتصادية و اجتماعية، سياسية ، أخلاقية أو بيئية. فماذا يقصد به في المجال التربوي؟
-  الجودة تعني مجموعة الخصائص أو السمات التي تعبر بدقة و شمولية عن جوهر التربية و حالتها في كل ابعادها : مدخلات، و عمليات، و مخرجات قريبة و بعيدة، وتغدية راجعة و كذلك التفاعلات المتواصلة التي تؤدي الى تحقيق الأهداف المنشودة و المناسبة لمجتمع معين.

- الجودة تعني اتخاد الجهود و استثمار الطاقات المختلفة لكل الموارد البشرية بشكل جماعي لتحسين المنتوج .
-  الجودة في التعليم تعني الكفاءة و الفعالية efficience et efficacité

    2- الجودة داخل المؤسسات التعليمية العمومية: 

تقاس جودة التعلمات بمدرسة معينة من خلال قياس درجة التحصيل لديها وفق معايير علمية متعارف عليها دوليا، هل فعلا قياس جودة التعلمات بمدارسنا العمومية و الخصوصية يخضع هو الآخر إلى تلك المعايير الدولية ؟

    حقيقة، الجواب بالنفي قطعا و جزما بشهادة جميع الفاعلين التربويين و اعتراف المسؤولين الحكوميين، إننا لا زلنا بعيدين كل البعد عن التقييم الموضوعي، التقييم العلمي، إننا نكتفي فقط بتضخيم الأرقام و التلاعب في الأحكام و التستر على العيوب و إبداء المحاسن إن وجدت ...

    هل نسبة النجاح " المطبوخة " التي نصدرها نهاية كل دورة دراسية أو إثر كل اختبار إشهادي مؤشر قوي وفعال لقياس درجة جودة التدريس بمدارسنا العمومية ؟

    إن فروض المراقبة المستمرة تتأرجح بين الغث و السمين، بين الجيد و الرديء، بين الواقعي و الوهمي ... أما تقييمها فيخضع هو الآخر للذاتية و غياب مؤشرات التقييم العلمية، أما اختباراتنا الإشهادية فتفاجئنا تارة بتسريب المواضيع و تارة أخرى بتنوع طرق الغش التي أضحت واقعا تتداولها الألسن في كل مكان.

    ترى ما هي الأسباب الحقيقية وراء تدني مستوى التعليم بمدارسنا العمومية ؟

في نظري، الأسباب متداخلة و متشعبة، إلا أنه يمكنني أن أختزلها في سبب رئيسي ألا و هو الأستاذ ... المحرك الأساسي للعملية التربوية.

   لماذا الأستاذ لوحده ؟

الجميع يعلم أن مكونات العملية التربوية تتلخص في المنهاج، المتعلم، الأستاذ و المحيط، إذا سلمنا جدلا أن العملية التربوية هي قطار التنمية الحقيقية إذن فعناصرها تتوافق مع مكونات القطار:

مكونات العملية التربوية

مكونات قطار التنمية

-         الأستاذ

-         المتعلمات و المتعلمون

-         المناهج التعليمية

-         محيط المتعلمين

-         سائق و قاطرة القطار

-         ركاب القطار

-         عربات القطار

-         محطات القطار    

 

   فالمتحكم الرئيسي و الوحيد في تنقل القطار و الوصول به إلى التنمية المنشودة هو الأستاذ المحرك الأساس و العضو الفعال في كل مرحلة من مراحل العملية التربوية إذ بحنكته و فطنته و قدراته و مهاراته يتحكم في باقي باقي المكونات الأخرى للعملية التربوية، حيث بإمكانه تطويع المناهج و تكييفها حسب مستوى المتعلمين و حسب حاجياتهم ...

   بمقدوره أيضا كسب ثقة المتعلم و توجيهه و ذلك باحترام إمكانياته و أخذ بعين الاعتبار كفاياته المحصلة، و في استطاعته أيضا إشراك محيط المتعلم في بناء شخصيته و ذلك بفضل التواصل و الاستشارة و تقاسم الخبرات...

  ذاك هو الأستاذ الذي يتحمل عبء الجميع، ليصل في نهاية المطاف إلى " إنتاج " متعلمين أكفاء و ذوي مهارات عالية. و لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعلم الأول ، أسوة حسنة لمن أراد أن يذكر ...

   هل مؤسساتنا التعليمية تتوفر على هذا النوع من الأساتذة ؟

بالتأكيد نعم، إلا أن عددهم يبقى جد ضئيل و بالتالي غير مؤثر في تحريك قطار التنمية و الوصول به إلى الجودة المنشودة.

   ما هي شروط ترقي الأستاذ إلى درجة أستاذ مؤثر و فعال ؟

   لكي تصبح مدارسنا تعج بأساتذة مؤثرين و فاعلين لابد من توفر الشروط التالية :

1-    اعتماد انتقاء علمي و سيكولوجي لأساتذة الغد

2-    تزويدهم بتكوين أساس تتوفر فيه جميع الكفايات اللازمة و الشروط الكفيلة بالتفاعل مع باقي مكونات العملية التربوية.

3-    ضمان تكوين مستمر واضح المعالم و مخطط له سلفا ضمن جدولة زمنية مضبوطة تستحضر فيه المستجدات البيداغوجية و التقنية.

4-    تحفيز الأطر العاملة بالمؤسسات التعليمية بحوافز معنوية و مادية مقننة وفق اجتهادات الأستاذ و إبداعاته و درجة مردودية متعلميه.

5-    تكثيف الزيارات التربوية للأستاذ من قبل هيئة الإشراف التربوي النزيهة و الفعالة.

في الختام أود أن يتفاعل المسؤولون الحكوميون و التربويون مع هذا الرأي، كما أهيب بأخواتي و إخواني المدرسين أن يعملوا ما في وسعهم لأخذ الريادة الفعالة و الفاعلة في المشهد التربوي و الله المستعان...      

 

المدرسة العمومية

  • No ratings yet - be the first to rate this.

إضافة تعليق